الإسراء والمعراج معجزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد صعدالرسول عليه الصلاة والسلام بجسده الطاهر إلى السماوات السبع وصلى بالرسلثم عاد إلى الأرض ولم تمض على كل هذه الأحداث سوى فترة زمنية قصيرة جدا،حيث عاد صلى الله عليه وسلم إلى الأرض ولا يزال فراشه دافئا، فكيف أثبتتالفيزياء الفلكية الحديثة هذه المعجزة، وكيف استنتج العلماء سرعة الضوءبدقة بالغة من خلال الآيات القرآنية الكريمة؟.الحركة والزمن فيالقرآن الكريمتعتبر الحركة من المظاهر المألوفة في الكون الذي نعيشفيه، فكل جسم مادي في الكون فيه حركة دائبة لا تتوقف إلا بانتهاء الكون،وسواء صغر حجم الجرم أم كبر فكل له حركة والكل يسبح في مدار خاص به،فالإلكترون يدور حول نواة الذرة في مدار وفلك خاص به، والأرض تدور حولنفسها كما تدور حول الشمس، والقمر يدور حول نفسه ويدور حول الأرض، كما تدورالكواكب السيارة حول نفسها وحول الشمس، وتدور الشمس والنجوم حول نفسهاوحول مركز المجرة، والمجرة أيضا تدور حول نفسها بسرعة رهيبة، وبذلك يتبينلنا أن الكون كله في حركة دائمة لا يتوقف أبدا إلا بأمر الخالق عز وجل، وقدبين الله تعالى في القران الكريم أن الحركة هي من صفات الكون إذ يقولتعالى في سورة يس (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم، والقمرقدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر،ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون).وينشأ عن حركة الأجرامالسماوية سواء حول نفسها أو حول جرم آخر زمن معين، فالأرض تدور حول نفسهاوينشأ عن هذه الحركة وحدة زمنية هي اليوم، وتدور الأرض حول الشمس مرة واحدةكل 365 يوما تقريبا وهي المدة الزمنية التي تعرف بالسنة الأرضية، ويدورالقمر حول الأرض مرة واحدة كل 29 يوما تقريبا وهي المدة الزمنية التينعرفها بالشهر، وتدور الشمس حول نفسها كل 27 يوما تقريبا، وتدور حول مركزمجرتنا درب التبانة مرة واحدة كل 225 مليون سنة أرضية وتعرف بالسنةالكونية.لقد ذكر الله تعالى السنة في العديد من الآيات، إذ يقولتعالى في الآية الخامسة من سورة السجدة: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرضثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون). ويقول تعالى أيضا فيالآية 47 من سورة الحج: (وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون). ولكن هليمكن أن يكون اليوم عند الله تعالى كألف سنة على الأرض؟ وهل كشف العلمالحديث عن معان علمية فيزيائية لهذا الفارق الزمني؟.في القرنالسابع عشر الميلادي، توصل الفيزيائي الشهير إسحاق نيوتن من خلال نظرياتهالفيزيائية إلى أن الوقت ثابت في كل مكان في الكون ولا يتغير بتغير المكان.وظل هذا المفهوم عن الزمن رائجا لحوالي مائتي سنة حتى مطلع القرن العشرين.ففي سنة 1905 م وضع الفيزيائي الألماني الأصل الشهيرألبرت اينشتاين نظريةالنسبية الخاصة، ثم اتبعها سنة 1916 بنظرية النسبية العامة، هذه النظريةغيرت كثيرا من مفاهيمنا الكلاسيكية عن الكون والجاذبية والحركة، أي أنهاغيرت كثيرا من نظريات اسحق نيوتن عن الفيزياء على الرغم من روعة ما توصلإليه نيوتن.من ضمن ما توصل إليه اينشتاين من قوانين في النظريةالنسبية بان الكون مؤلف من أربعة أبعاد وليس ثلاثة بحسب الفيزياءالكلاسيكية ومن ضمنها فيزياء نيوتن مثلا، حيث اعتبرت الفيزياء الكلاسيكيةبان الكون مؤلف من ثلاثة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع، لكن النظريةالنسبية أضافت بعدا رابعا في الكون وهو "الزمان".Time.بين اينشتاين بانالزمان في الكون نسبي بين مشاهد وآخر في الكون Relative Time وانه لا يوجدزمان ثابت(مطلق) Absolute Time، لذلك فلكل مكان في الكون زمانه الخاص به.ولتبسيط هذا المفهوم، لنفترض أننا نرصد نجم (السماك الرامح) الذي يبعد عنالأرض 38 سنة ضوئية، أي أن الضوء يحتاج إلى 38 سنة أرضية لقطع المسافةبيننا وبين السماك الرامح. ولنفترض انه عندما كنا نرصد هذا النجم وإذا بهينفجر فجأة في السماء، وراحت إحدى الإذاعات تنشر الخبر بسرعة عن هذا الحدثالفلكي الهام، وهنا لا يجوز (علميا) حسب نظرية النسبية أن يقول المذيع باننجم السماك الرامح انفجر هذه الليلة مثلا، لأنه في الواقع انفجر قبل 38 سنةوهي المدة التي استغرقها الضوء لكي يحمل لنا صورة الانفجار. ولكن بالنسبةلسكان الأرض شاهدوها(الآن) حسب الزمن الخاص بهم، لذلك فالزمن نسبي بينمكانين مختلفين.وصورة السماء التي نراها بأعيننا ليلا قد تختلف عنالواقع، لأنه قد يكون نجم من النجوم انفجر، وبسبب اختلاف المكان والمسافةبيننا وبين هذه النجوم فإننا لم نستطع حتى الآن أن نشاهده بالنسبة للزمانالخاص بنا.إذن فالنظرية النسبية لا تقبل في بعض المصطلحات الزمنيةالتي نستخدمها، فلا يجوز استخدام الدلالة الزمنية"الآن" أو "الحاضر" أو"المستقبل" لان هذه الدلالات الزمنية نسبية وليست ثابتة في الكون.كما توصلاينشتاين إلى أن الزمن يتقلص كلما زادت السرعة، وإذا ما تساوت سرعة جسم مامع سرعة الضوء فان زمنه يصبح صفرا. هذا التغير في الزمن لا يلحظه سوى مشاهدآخر يرصد تحركات هذا الجسم بسرعات وأمكنة مختلفة، هذا الاختلاف في الزمانوالمكان يسميه العلماء (البعد الزماني المكاني) ونختصره إلى (البعدالزمكاني).ولتوضيح هذه النظرية حول تقلص الزمان مع الزيادة فيالسرعة، لنفترض أن مجموعة من الشبان ركبوا سفينة فضائية وانطلقت بسرعةالضوء، ولنفترض أنهم كانوا يحملون ساعات دقيقة وتقاويم كالتي على الأرض،فإنهم لو سافروا إلى نجم يبعد عنا سنة ضوئية واحدة - لا يوجد نجم على هذاالبعد - فإنهم عند عودتهم سيقولون أنهم تغيبوا عن الأرض سنتين من الزمن وهيالذهاب والإياب. لكن المفاجأة أنهم عندما يصلون الأرض سيكتشفون أنهمتغيبوا عن الأرض مائتي سنة أرضية، وان أحفاد أحفادهم هم الذين على قيدالحياة، وان أهلهم وأقاربهم قد توفوا جميعا قبل حوالي 150 عاما، وسبب هذاالاختلاف في الزمن هو الاختلاف في السرعة النسبية بين حركة المركبةالفضائية وحركة الأرض.لقد بين الله تعالى في العديد من آيات القرانالكريم هذه الظاهرة الفيزيائية الكونية والتي لم تكتشف سوى في مطلع القرنالعشرين، حيث يقول تعالى:.(يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرجإليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) السجدة - 5.(تعرج الملائكةوالروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) المعارج - 4.من خلالالآية الثانية نستنتج أن الروح والملائكة لا تنطلق في الكون بسرعة مألوفة،بل بسرعة تقارب سرعة الضوء، لذلك فالملائكة والروح تقطع السماء في لحظاتبسبب سرعتها الخارقة حيث يتوقف الزمن عندها فتتنقل بين النجوم وتقطعالسماوات ولا يمر عليها زمن بل يكاد يكون معدوما، هذه القوانين الفيزيائيةتنطبق تماما على معجزة الإسراء والمعراج أيضا، فهي تفسر كيف أن الرسول صلىالله عليه وسلم قد عرج به إلى السماء وعاد خلال لحظات حيث كان فراشه صلىالله عليه وسلم دافئا، كل هذا بإرادة من الخالق عز وجل.
العلامات المرجعية