موضوع: ( غزوة أٌحـــــــــــــــــــــــــــد ) الأربعاء سبتمبر 07, 2011 11:24 am
(( غزوة أحــــــــــــــــــــــــد شوال عام 3 هجري )) ( " ولا تحسبن الذين قٌتلوا في سبيل الله أواتاً بل أحياءَ عند ربهم يرزقون " ) سورة آل عمران ، الآية 169 . أحست قريش بعمق الجراح التي خلفتها معركة بدر الكبري في العام الثاني من الهجرة ، كما أدركت أن طريق تجارتها مع بلاد الشام أصبح تحت سيطرة المسلمين ، فتولي أبو سفيان قيادة الدعوة للحرب واستطاع أن يجمع من قريش وحلفائها من قبل كنانة وأهل تهامة وغيرهم ثلاثة آلاف مقاتل بينهم سبعمائة فارس ، وخرج بهم واصطحب معه أعيان قريش ونساءهم ليشجعوهم علي القتال ونزل المشركون في مكان يسمي " عينين " بالقرب من جبل أٌحد . ولما علم رسول الله بذلك إستشار أصحابه فكان رأي عدد كبير منهم أن يخرجوا لملاقاة المشركين حيث هم ، وكان أبرز القائلين بهذا الرأي حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وقال مالك بن سنان في تأييد هذا الرأي ( يارسول الله نحن والله بين إحدي الحسنيين ، إما أن يظفرنا الله بهم أو يرزقنا الشهادة ) ، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم وعدد من الصحابة يرغبون في إستدراج المشركين إلي المدينة للإشتباك معهم في الدروب والطرق ويشارك في القتال الرجال والنساء والأولاد وكان علي الرسول صلي الله عليه وسلم أن يتخذ القرار بعد سماع مختلف الآراء فاختار الرأي المخالف لرأيه ، لأن معظم الصحابة والشباب وهم المقاتلون في الجيش كانوا راغبين في الخروج لملاقاة المشركين ، فدخل وتجهز وخرج ، ولما رآه الذين أصروا علي الخروج تدموا وخافوا أن يكونوا قد استكرهوا الرسول صلي الله عليه وسلم علي أمر لايريده ، فقالوا يارسول الله إستكرهناك ولم يكن ذلك لنا فإن شئت فاقعد صلي الله عليك وسلم ، فقال الحبيب صلي الله عليه وسلم " ماينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتي يقاتل " . " رؤيا لرسول الله " واتكأ رسول الله صلي الله عليه وسلم وراح في النوم فرأي رؤيا ، فاستيقظ وقال للمسلمين ( أني قد رأيت والله خيراً - رأيت بقراً يذبح ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة " ثم قال صلي الله عليه وسلم في تفسير مارأي ( أما البقر الذي يذبح فهو إراقة دم المسلمين ، أما الثلم الذي رأيته في ذباب سيفي فهو رجل من أهل بيتي يقتل ، وعن الدرع الحصينة فهي مدينتكم ) ( وقد صدقت هذه الرؤيا في إستشهاد " أسد الله حمزة بن عبد المطلب وكذلك السبعين شهيداً وعدم إستطاعة المشركين دخول المدينة ، وهنا تظهر أهمية عدم التردد ، فلا شيئ يربك المقاتلين أكثر من الأوامر المتضاربة ، وخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم علي رأس ألف من الصحابة لملاقاة المشركين ، وفي الطريق إنخذل عبد الله بن أبي سلول بثلث الجيش ولم يكن عبد الله من المؤمنين ، بل كان من المنافقين ومن معه ولذلك لم يكترث المسلمون لإنسحابهم ، ومضي الجيش حتي نزل الوادي من أٌحد . ( تعبئة المسلميـــــــــــــــــــــن ) بقي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعمائة رجل ، إختار منهم خمسين رامياً وعين عليهم عبد الله بن جبير ، وأمره أن يتمركز مع رجاله علي الجبل لرمي خيل المشركين ومنعهم من مهاجمة المسلمين من خلفهم وقال صلي الله عليه وسلم لعبد الله : " إن كانت لنا أو علينا ( أي إنتصرنا أو إنهزمنا ) فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك" ، وجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم جبل أًحد خلف جيشه وسوي الصفوف وأمر رجاله أن لايبدأوا القتال حتي يأمرهم بذلك ، وسلم اللواء إلي مصعب بن عمير . ( تعبئة المشركين . ) كان جيش قريش يتألف من ثلاثة آلاف رجل بينهم سبعمائة دارع ومعهم مائتي فرس ، وخرج معهم سبعة عشر إمرأة تقودهم هند بنت عتبة زوجة أبو سفيان ، فجعلوا علي ميمنة الخيل خالد بن الوليد ، وعلي ميسرتها عكرمة بن أبي جهل ، وسلموا لواءهم إلي بني عبد الدار . المعركــــــــــــــــــــــــــــة : إلتقي الطرفان واقترب بعضهم من بعض ، وراحت بنت عتبة ومن معها من النساء يحرضن الرجال ويضربن بالدفوف ، ورفع المسلمون شعار ( أمت ، أمت ) ليعرف بعضهم بعضا وأخذ أحد فرسان المسلمين ( أبو دجانة ) سيف رسول الله صلي الله عليه وسلم واندفع إلي قلب المعركة لايقف في وجهه أحدا من المشركين إلاقتله ، وكذلك فعل حمزة بن عبد المطلب ( وكان حمزة العدو الأول لقريش التي حملته دم معظم قتلي بدر ) وكان في جيش المشركين عبد حبشي إسمه " وحشي " مخدوم جبير بن مٌطعم وهو عم لهند بنت عتبة الذي قٌتل أباها وأخاها في بدر علي يد حمزة بن عبد المطلب فأرادت أن تثأر لهما ، فدعا جبير " وحشي " وقال له أخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق ، وكان وحشي يجيد الرمي بالحربة فمازال ينتهز الفرصة حتي تمكن من تصويب ضربته لحمزة فأصابت منه مقتلاً ورغم عدم التكافؤ بين الجيشين فقد تمكن المسلمين من المشركين وبدت الهزيمة واضحة في صفوف المشركين ، ولاحظ ذلك الرماة من أعلي الجبل فخالفوا أمر النبي صلي الله عليه وسلم وتركوا مواقعهم واهتموا بجمع الغنايم ، وناداهم قائدهم عبد الله بن جبير فلم يلتفتوا إليه ، ولم يثبت منهم إلا بعض الرماه الذين يٌقدرون معني الطاعة والإنضباط ، وأمر بن جبير من بقي معه من الرماة ( عشر رجال ) بالإنتشار ليمنعوا أي محاولة إلتفاف . وانتهز خالد بن الوليد الفرصة كقائد مٌحنك ولاحظ ضعف الحامية علي الجبل ، فقام بحركة إلتفاف من خلف الجبل وكانت الشمس في عين من بقي من الرماه ففاجائهم ولم يفيدهم ثباتهم واستماتتهم في القتال ، فقد إستطاع قتلهم مع قائدهم ، ثم إنقض برجاله علي ظهور المسلمين وهاجمهم من خلفهم ، واستشهد مصعب بن عمير الذي كان يشبه رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وأذاع إبليس متمثل في صورة أحد اليهود أن محمد اً قد قٌتل وكانت هذه الشائعة لها تأثير كبير في صفوف المسلمين ، ولما رأي المشركين مافعل خالد بن الوليد عادوا ثانية إلي المعركة وأوقعوا المسلمين بين فكيهم ، وفي غمرة الإضطراب إنسحب بعض المسلمين إلي المدينة وثبت الصابرون المجاهدون الذين يحملون إيمانا لاتزعزعه الجبال ومنهم أنس بن النضر الذي وقف بين المسلمين قائلا ( ياقوم إن كان محمداً قد قٌتل فإن رب محمد لم يٌقتل ، فقاتلوا علي ماقاتل عليه نبيكم ) ثم شد سيفه وقاتل حتي قٌتل وكذلك إستٌشهد عبد الله بن جحش الملقب بالمجدع بن عمة النبي صلي الله عليه وسلم وأخو أم المؤمنين زينب بنت جحش .