بسم الله الرحمنالرحيمالسؤالمعلوم أنَّ المصرَّ على الكبيرة لا يُخلَّدُفي النار كما هو اعتقادُ أهل السُّنَّة والجماعة، لكن كيف يمكن الجمع بينذلك وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مدمنُ خمر كعابد وثنٍ)[رواه ابن ماجه في "سننه" (2/1120) من حديث أبي هريرة رضي اللهعنه، ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/129) من حديث أبيهريرة.]، ومعلوم أنَّ عابد الوثن مشرك، والمشرك مخلَّد في النار؟الجوابقولهصلى الله عليه وسلم: (مدمنُ الخمرِ كعابدِ وثنٍ): هو من أحاديثالوعيد التي تُمَرُّ كما جاءت، ومعناه الزَّجرُ عن شُرب الخمر، والتَّغليظفي شأنه، وليس المراد منه أنَّ المداوم على شُرب الخمر يُخَلَّدُ فيالنَّار كما يُخلَّدُ المشرك والكافر؛ لأنه مؤمن ناقص الإيمان، وليس كافركما تقوله الخوارج.قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنيُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48.]، وشُرب الخمر داخل فيما دون الشِّرك، فيشمله هذا الوعيد من اللهتعالى بالمغفرة.والحديث فيه تشبيه مدمن الخمر بعابد الوثن، وهو لايقتضي التشبيه من كلِّ الوجوه؛ إلا إذا استحلَّ الخمر؛ فإنه يكون كافرًا.وعلى كلِّ حالٍ؛ فالخمر أمُّ الخبائث، وقد قَرَنَها الله بالمَيسروالأنصاب والأزلام، وأخبر أنها رجسٌ من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها (1)،ولعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة (2)؛ ممَّا يدلُّ على شناعتهاوشدَّة خطورتها وما تسبِّبه من أضرار بالغة، وقد رتَّب الشَّارع الحدَّعلى شاربها، والخمر هي المادَّة المُسكرة؛ من أيِّ شيء كانت، وبأيِّ اسمسمِّيت.
العلامات المرجعية