نوح (ص)بعث نوح (ص)لقومه :أرسل الله نوحا (ص)لقومه وهم أهله الذين عاش فى عصرهم فقال بسورة هود "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه "وقد سماه الله أخا لهم دليل على أنه واحد منهم فقال بسورة الشعراء "إذ قال لهم أخوهم نوح "وقد دعا نوح (ص)قومه لعبادة الله وحده وترك عبادة غيره فقال بسورة الأعراف "يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "وقال نفس المعنى بألفاظ أخرى كما بسورة هود "إنى لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم "وقال بسورة المؤمنون "يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره "وقد بين نوح (ص)لقومه أنه لهم رسول أمين والمراد ناصح مخلص فى نصيحته لهم وطالبهم أن يتقوا أى يعبدوا الله ويطيعوه فيما ينصحهم به وفى هذا قال بسورة الشعراء "إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون "وكان قوم نوح الذين يتحدثون العربية يعبدون مخلوقات خمسة فى الظاهر هى :ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ويطلقون عليها أنها آلهة ولما دعاهم نوح(ص)لتركها وعبادة الله قالوا لبعضهم :لا تتركوا آلهتكم أى لا تتركوا ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا وفى هذا قال بسورة نوح"وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوق ولا يعوق ونسرا "وفى الحقيقة لم يكن القوم يعبدون المخلوقات الخمسة وإنما كانوا يعبدون هوى أنفسهم الضال كما يفعل الكفار فى كل عصر مصداق لقوله بسورة الجاثية "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ".انقسام القوم :انقسم قوم نوح (ص)لفريقين :الأول الملأ الذين كفروا وهم أهل الغنى والرياسة والكهانة وأتباعهم وقد سموا الفريق المؤمن الأراذل تتم الحذف كلمة غير محترمةا وذما لهم وقالوا فى هذا لنوح (ص):ما نراك سوى إنسان مثلنا وما نراك أطاعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين وفى هذا قال تعالى بسورة هود"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين "وقالوا له هل نصدق برسالتك وقد أطاعك الضعفاء ؟وفى هذا قال بسورة الشعراء "قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون "والثانى الذين أمنوا برسالة نوح(ص)وإلى هذا الإنقسام أشار قوله بسورة الأعراف "فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ".إتهامات الكفار لنوح (ص) :إتهم الكفار نوحا (ص)بالعديد من التهم منها الذى ذكره القرآن وهو أنه بشر يريد التفضل عليهم أى التميز عليهم والمراد أنه يريد أن يكون ملكا ورئيسا عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم "وأنه به جنة أى مجنون ينبغى الإنتظار حتى يموت فيتم القضاء على دينه وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين "وقال بسورة القمر "كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر"طلبات الكفار من نوح (ص):ككل الكفار فى كل عصر طلب الكفار العديد من الطلبات منها المعجزات ولم يرد عنها شىء فى القرآن ومنها أشياء أخرى مثل طرد المؤمنين وقد رفضه نوح (ص)فقال لهم وما أنا بطارد المؤمنين إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أراكم قوما تجهلون ،إن أنا إلا نذير مبين وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وما أنا بطارد الذين أمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أركم قوما تجهلون "وقال بسورة الشعراء "وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين "حوارات نوح (ص)مع قومه :فى إحدى حوارات نوح (ص)مع قومه قال لهم :يا قوم اعبدوا أى أطيعوا ما لكم من إله غيره إنى أخاف أى أخشى عليكم عذاب يوم عظيم أى كبير وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "فقال الكفار :إنا لنراك فى ضلال عظيم والمراد إنا لنعلمك فى جنون كبير وفى هذا قال بسورة الأعراف "قال الملأ من قومه إنا لنراك فى ضلال مبين "فقال لهم نوح (ص)ليس بى ضلالة أى جنون ولكنى مبعوث من رب الكل وفى هذا قال بنفس السورة "قال يا قوم ليس بى ضلالة ولكنى رسول من رب العالمين "وقال لهم :أنا أوصل لكم رسالات ربى وأنصحكم وأعرف من الله الذى لا تعرفون "،هل استغربتم أن أتاكم وحى من خالقكم على رجل منكم ليخبركم ولتطيعوا الوحى لعلكم تفوزون برحمة الله وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون "وقال لهم فى حوار أخر :إنى لكم نذير مبين أن لا تطيعوا إلا الله إنى أخشى عليكم عذاب يوم أليم ،فقال كبار الكفار لهم :ما نعلمك سوى إنسان شبهنا وما نعلمك أطاعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نعلمكم كاذبين ،فقال لهم يا قوم أرأيتم إن كنت على علم من إلهى وجاءتنى رحمة من إلهى فتركتموها هل نجبركم على اتباعها وأنتم لها باغضون ويا قوم لا أطالبكم على توصيل الوحى بمال إن ثوابى من عند الله وما أنا بطارد المؤمنين إنهم أخذوا ثواب ربهم ولكنى أعرفكم قوما تعصون ويا قوم من ينصرنى من عذاب الله إن طردتهم أفلا تذكرون ولا أقول لكم لدى خزائن رزق الله ولا أعرف المجهول ولا أقول إنى ملاك ولا أقول للذين تحتقر أنفسكم لن يعطيهم الله خيرا الله أعرف بالذى فى أنفسهم إنى إذا لمن الظالمين ،فقال الكفار له :قد ناقشتنا فأكثرت من نقاشنا فأتنا بما تخبرنا من العذاب إن كنت من الصادقين ،قال نوح (ص)إنما يجيئكم به الله إن أراد وما أنتم بغالبين ولا يفيدكم وعظى إن شئت أن أعظكم إن كان الله يريد أن يضلكم هو إلهكم وإليه تعودون وفى هذا قال تعالى بسورة هود "إنى لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين أمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ولا أقول للذى تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما فى أنفسهم إنى إذا لمن الظالمين قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون "وفى حوار أخر قال لهم :يا قوم اعبدوا أى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب غيره أفلا تتقون ،فقال أكابر الكفار للباقين من الكفار :إن هذا ليس إلا إنسان مثلكم يريد أن يتميز عليكم ولو أراد الله لأرسل لنا ملائكة رسلا وما علمنا بهذا فى ملة أباءنا السابقين إنه رجل به جنون فتربصوا موته بعد حين وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا فى أباءنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين "وفى حوار أخر قال لهم ألا تتقون إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أطلب منكم على ابلاغى الوحى مالا إن ثوابى من رب العالمين فأطيعوا وحى الله أى أطيعوا الوحى المنزل على فكان ردهم عليه قولهم :أنصدق بك وقد أطاعك الضعفاء ؟فقال لهم وما معرفتى بالذى كانوا يفعلون إن جزائهم من إلهى لو تعلمون وما أنا بتارك المؤمنين إن أنا إلا مخبر مبين وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمى بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين "وفى حوار أخر قال لهم نوح (ص)يا قوم إنى لكم نذير مبين أن اعبدوا الله أى اتقوه أى أطيعوا وحيه المنزل على يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون وفى هذا قال تعالى بسورة نوح "قال يا قوم إنى لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون ".استمرار دعوة نوح (ص)950 سنة :استمر نوح (ص)يدعو قومه لعبادة الله وحده مدة طويلة قدرها 950 أى بتعبير القرآن ألف سنة إلا خمسين عاما وفى هذا قال بسورة العنكبوت "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما "وكان نوح(ص)فى تلك المدة يدعو القوم فى الليل وفى النهار وفى هذا قال بسورة نوح"رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا "وكان يدعوهم جهرا أى علنا للكل وإسرارا أى خفاء حيث كان يدعو كل واحد بمفرده بعيدا عن أعين الأخرين وفى هذا قال بنفس السورة "ثم إنى دعوتهم جهارا ثم إنى أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا "وكان يدعوهم مبينا لهم أن الله سيغفر لهم ذنوبهم وسيعطيهم الخير الكثير فيرسل السحاب بالماء المدرار ويزودهم بالمال والبنين ويملكهم الجنات ويعطيهم النهار وفى هذا قال "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا "وكان يبين لهم وجوب توقير الله الذى خلقهم على مراحل وخلق السموات السبع ووضع فيهن القمر نورا والشمس سراجا وخلقهم من الأرض ويرجعهم فيها بعد الموت ثم يبعثهم منها وخلق الأرض لهم ممهدة ليسيروا فى طرقها وفى هذا قال "ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ألم تروا كيف خلق سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا "فكانت نتيجة الدعوة كل هذه السنوات هى الفرار أى الإصرار على الكفر أى الاستكبار وفى هذا قال بسورة نوح "فلم يزدهم دعاءى إلا فرارا وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى أذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا " وقد نصحوا بعضهم البعض :لا تتركون عبادة آلهتكم أى لا تتركون عبادة ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وفى هذا قال "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ".نهى نوح (ص)عن الدعوة :أنزل الله لنوح (ص)وحيا نهاه فيه عن دعوة القوم للإسلام لأنهم لن يؤمن منهم أحد غير من أمن فى البداية وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد أمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون "وقد نهاه الله عن الأسى والحزن على أفعال الكفر التى قام بها القوم .نوح(ص)يطلب من قومه إصدار أمرهم فيه :قال نوح (ص)لقومه :إن كان عظم عليكم مقامى وتبليغى إياكم أحكام الله فاعلموا أنى بالله احتميت فأجمعوا رأيكم وآلهتكم المزعومة فى دعوتى ثم لا يكن قراركم مختلط ثم أبلغوه إلى ولا تنظرون ،وهذا يعنى أنه يدعوهم إلى اتخاذ قرار نهائى فيه بتكذيبه أو الإيمان به حتى يكون فى حل من دعوتهم بعد ذلك وفى هذا قال تعالى بسورة يونس "واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون "صناعة الفلك :لما أخبر الله نوح (ص)بأن أحدا من القوم لن يؤمن برسالته غير من سبق أن أمن أمره أن يصنع الفلك وهى السفينة الكبرى بأعين أى بوحى الله والمراد بإتباع أوامره ثم نهاه فقال :ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا والمراد ولا تطلب منى رحمة الكفار إنهم مغرقون وفى هذا قال بسورة هود"واصنع الفلك بأعيينا ووحينا ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون "وقد استجاب نوح (ص)للأمر فبدأ يصنع السفينة وكلما سار بجوار مكان صناعة السفينة بعض من الكفار ضحكوا عليه بإطلاق النكات والأقوال المستهزئة به فكان يرد عليهم قائلا :إن تضحكوا علينا اليوم فإنا نضحك عليكم مستقبلا كما تضحكون حاليا وسوف تعرفون من يصيبه عذاب يذله وينزل به عقاب دائم وفى هذا قال بسورة هود"ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ".الطوفان :لما أنهى نوح(ص)صناعة السفينة قال الله له فى الوحى :اركب فى السفينة من كل نوع من أنواع المخلوقات زوجين أى فردين –ذكر وأنثى- اثنين وأهلك أى وأسرتك إلا من سبق عليه القول بكفره – أى ابن نوح وزوجته- ومن أمن وما أمن أى صدق برسالته إلا عدد قليل ،وهذا يعنى أن ركاب السفينة هم المخلوقات بأنواعها المختلفة والمؤمنين سواء من أسرة نوح(ص)أو من غيرها وفى هذا قال تعالى بسورة هود "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن أمن وما أمن معه إلا قليل "ولما جاء الأمر الإلهى بالعقاب فتح الله خروم السحاب بالماء المتتابع وفجر من الأرض عيونا والمراد وجعل أنهار اليابس تفيض فيضانا عارما فالتقى الماء القادم من أعلى بالماء الخارج من أسفل وفى هذا قال تعالى بسورة القمر "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر "وفى بداية الطوفان َأَركب نوح(ص)من كل نوع ذكر وأنثى والمؤمنين وقال لهم :اركبوا فيها بحكم الله مسيرها وموقفها إن إلهى غفور رحيم ،وسارت السفينة بهم والأمواج تحيط بها من كل جانب وهى تشبه الجبال فى علوها وفى هذا قال بسورة هود"وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها إن ربى غفور رحيم وهى تجرى بهم فى موج كالجبال "وقد شاهد نوح(ص)ابنه الوحيد الذى كفر برسالته فى مكان مرت عليه السفينة فناداه قائلا والابن كان واقفا فى معزل عن الماء :يا ولدى اركب معنا ولا تكن من الكافرين فرد عليه قائلا:سأذهب إلى جبل يحمينى من الماء فقال له نوح(ص)لا حامى من عقاب الله إلا من رحمه الله بإيمانه وفرق الموج بين الأب وابنه فكان الابن من الغارقين وفى هذا قال بسورة هود"ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين "وكان الطوفان استجابة لأدعية نوح(ص):رب إن قومى كفروا بى فاقضى بينى وبينهم قضاء وأنقذنى ومن معى من المؤمنين وفى هذا قال بسورة الشعراء "رب إن قومى كذبون فافتح بينى وبينهم فتحا ونجنى ومن معى من المؤمنين "وقوله :أنى مغلوب فانتقم لى وفى هذا قال تعالى بسورة القمر "فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر "وقوله :رب لا تترك على الأرض من الكافرين إنسانا إنك إن تتركهم يضلوا خلقك ولا ينجبوا إلا فاجرا كفارا وفى هذا قال بسورة نوح"وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا "وكانت نتيجة الطوفان هى غرق كل الكفار وكان الله قد أمر نوح(ص)أن يقول عند ركوب السفينة هو والمؤمنين :الحمد لله الذى أنقذنا من أذى القوم الكافرين وأن يقول أيضا رب اسكنى مسكنا مباركا وأنت أفضل المسكنين وفى هذا قال بسورة المؤمنون "فإذا استويت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين "ولما غرق الكفار أنجى الله المؤمنين والمخلوقات فى الفلك وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين "وقد أمر الله الأرض أن تبتلع ماء الطوفان وأمر السحاب أن يكف عن إنزال المطر وفنى الماء الزائد بهذه الأوامر وانتهى أمر الكفار واستوت السفينة على الجودى فى مكة حيث المنزل المبارك وفى هذا قال بسورة هود"وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء اقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين "والمنزل المبارك هو مكة لقوله تعالى بسورة آل عمران "وإن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا " وقد سكن نوح(ص)ومن معه مكة بعد نزولهم من السفينة حيث قال الله لنوح(ص)انزل بسلام منا أى رحمة لك ولأمم من معك – والمراد أنواع المخلوقات- وأمم سنعطيهم فى الدنيا-والمراد الناس- ثم يصيبهم منا عذاب شديد وفى هذا قال تعالى بسورة هود"قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "وقد تذكر نوح(ص)ابنه الكافر الذى لم ينجب ذكرا سواه فقال داعيا الله :إن ولدى من أهلى وإن قولك الصدق وأنت أفضل القضاة وهذا يعنى أنه يريد من الله أن يرحم ابنه فلا يدخله النار فأوحى الله له :يا نوح إنه ليس من أنصارك إنه فعل غير حسن أى إنه صنع الكفر فلا تطلبن الذى ليس لك فيه حق إنى أنصحك ألا تصبح من الكافرين فقال له نوح(ص)رب إنى احتمى بطاعتك من أن أطلب منك الذى ليس لى فيه حق وإلا تغفر لى أى ترحمنى أصبح من الهالكين وفى هذا قال تعالى بسورة هود"ونادى نوح ربه إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إنى أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لى به علم وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين "وقد كفرت أيضا زوجة نوح(ص)حيث خانته مع قومها فدخلت النار مصداق لقوله بسورة التحريم "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين "وأما من أمن به من أهله فبناته ووالديه لقوله بسورة نوح"رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات "ولم ينجب نوح(ص)ذكورا غير الولد الغارق ولم يكن له ذرية كما قال الكفار حام وسام ويافث لأن البشر بعده كانوا ذرية الذين حملهم معه فى السفينة وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية أدم وممن حملنا مع نوح "وقال بسورة الإسراء "وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دونى وكيلا ذرية من حملنا مع نوح "والدرس المستفاد من القصة هو أن الكفار دائما يعصون الرسل ويتبعون كبار الكفار وقد تكرر هذا عبر العصور وفى هذا قال تعالى على لسان نوح (ص)فى سورته "رب إنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا "والحمد لله من قبل ومن بعد .[i]
العلامات المرجعية